السقف ينزف فوق رأسي |
والجدار يئن من هول المطر |
وأنا غريق بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر ! |
في الوجه أطياف من الماضي |
وفي العينين نامت كل أشباح السهر |
والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ |
لكنه كل العمر .. |
لا شيء في بيتي سوى صمت الليالي |
والأماني غائمات في البصر |
وهناك في الركن البعيد لفافة |
فيها دعاء من أبي |
تعويذة من قلب أمي لم يباركها القدر |
دعواتها كانت بطول العمر والزمن العنيد المنتصر |
أنا ماحزنت على سنين العمر طال العمر عندي .. أم قصر |
لكن أحزاني على الوطن الجريح |
وصرخة الحلم البريء المنكسر |
... |
فالماء أغرق غرفتي |
وأنا غريب في بلاد الله |
أدمنت الشواطيء والمنافي والسفر |
كم كنت أبني كل يوم ألف قصر |
فوق أوراق الشجر .. |
كم كنت أزرع ألف بستان |
على وجه القمر .. |
كم كنت ألقي فوق موج الريح أجنحتي |
وأرحل في أغاريد السحر |
منذ انشطرت على جدار الحزن |
ضاع القلب مني .. وانشطر .. |
ورأيت أشلائي دموعا في عيون الشمس |
تسقط بين أحزان النهر |
وغدوت أنهاراً من الكلمات |
في صمت الليالي .. تنهمر |
قد كنت في يوم بريء الوجه |
زار الخوف قلبي فانتحر |
وحدائقي الخضراء ما عادت تغني |
مثلما كانت ... |
وصوتي كان في يوم عنيدا وانكسر |
**** |
ولدي من عمري |
وذكرى الأمس بعض من صور |
فلتنظري صوري فإن الأمس أحيانا |
يكون عزاء يوم ... يحتضر |
هل تسمحين |
بأن ينام على جفونك لحظة |
طفل يطارده الخطر.. |
هل تسمحين |
لمن أضاع العمر أسفاراً |
بأن يرتاح يوماً .. |
بين أحضان الزهر ... |
اني لأفزع كلما جاءت |
خيول الليل نحوي .. |
يحتويني الهم .. يخنقني الضجر |
اعتدت أن تعوى كلاب الصيد |
في قدمي ... تحاصرني .... وتعبث في عيوني |
كلما الجلاد في سفه .. أمر |
اني أخاف على ثيابك من ثيابي |
كلما أرجوه بعض الأمن .. |
.. عطراً ... دندنات من وتر |
**** |
لا تخجلي إن كان عندك بعض أصحاب |
وجئت بثوبي العاري ببابك انتظر |
لكنه حزن الصقيع ... |
ووحشة الغرباء في ليل المطر |
فالناس حولي يهرعون |
وفي ثيابي نهر ماء |
في عيوني بحر دمع |
بين أعماقي حجر .. |
وأريد صدراً لا يساومني على عمري |
ولا يأسى على ماض عبر |
فالعري أعرفه |
وأعرف أن مثلي |
في زمان الرق مطلوب |
وأن الحرص لن يجدي |
ولن يغني الحذر ... |
**** |
اني سأرحل عندما يأتي قطار قطار الليل |
لا تبكي لأجلي.... |
لا تلومي الحظ إن يوماً غدر |
فأنا وحيد في في ليالي البرد |
حتى الحزن صادقني زماناً |
ثم في سأم .. هجر |
إني أحبك .. |
رغم أن الحب سلطان عظيم |
عاش مطرودا |
وكم داسته أقدام البشر |
إني أحبك .. |
فاتركيني الآن في عينيك أغفو |
إن خلف الباب أحزان وعمر ينتحر |
كل العصافير الجميلة أعدموها |
فوق أغصان الشجر |
كل الخفافيش الكئيبة |
تملأ الشطئآن .. |
تعبث فوق أشلاء النهر |
*** |
لا تحزني ... |
إن الزمان الراكع المهزوم لن يبقى |
ولن تبقى خفافيش الحفر.. |
فغداً تصيح الأرض .. فالطوفان آت |
والبراكين التي سجنت أراها تنفجر.. |
والصبح هذا الزائر المنفي من وطني |
يطل الآن .. يجري .. ينتشر .. |
وغداً أحبك مثلما يوم حلمت ... |
بدون خوف ... |
أو سجون ... |
أو مطر ... |